المشردون في الأرض

مشرد يمشي على غير هدى في احد شوارع مدينة جدة

مشرد يمشي على غير هدى في احد شوارع مدينة جدة

المشردون في الأرض !!

المشردون في الأرض هم فئة مهملة ، قد لا تعرف أسباب ما هم فيه ، من جراء ربما صدمة عاطفية،أو هموم تكالبت عليه ولم يجد من يعينه أو حتى يسمع شكواه أو جراء ظلم وقع عليه فأفقده توازنه العقلي فهام في الشوارع غير مبالي بالدنيا وما فيها واصبح هائماً في ملكوته الخاص الذي لا يمكن لأحد أن يدخله أو يفهمه.
عادة يكون المشرد مريضا نفسياً لا يسيطر على تصرفاته فهو تارة صامت ونظراته شاردة في كونه الخاص وتارة يكلم نفسه في هدوء ، لذا فإن مجرد وجوده حول معظمنا يكون مصدر خوف قد يصل للرعب بحيث لا يرغب أحد في الإحتكاك به من قريب أو بعيد.
لا أحد على أي مستوى ينادي أو يطالب بإيجاد حل لوضعهم المزري، وعادة لا يناقش وضعهم في وسائل الإعلام إلا اذا اقترن بجريمة. أما على المستوى الشعبي فإن جل ما يفعله الناس اذا ما تضايقوا من تصرفات أحدهم هو الإتصال يالشرطة للتعامل معهم، وبالطبع رجل الأمن غير مؤهل للتعامل مع هذه الحالات ولا يستطيع تقييد حريته فهو لم يرتكب جرماً وكونه مشردا لا يعتبر جريمة يعاقب القانون عليها، ومستشفيات الأمراض النفسية لا تقبلهم بحجج كثيرة، ولذا يترك كما هو …
هل هم دائماً مصدر رعب لمن حولهم ؟؟
معظم الأحيان نعم..فهو يكون مسالماً لأقصى درجة إن لم يتم استفزازه من قبل بعض الجهلة أو بعض المراهقين فعندئذ قد ينفجر كالبركان  وربما يتطور الأمر بقذف من يستفزه بما يجده حوله من حجارة أو قناني زجاجية أو غيرها أو يتطور لجريمة كما حصل مؤخراً في مدينة الرياض من جريمة روعت المجتمع وأقضت مضجعه.
هم عادة لا يكونون خطيرين على من حولهم ما لم يستفزهم جاهل أو مراهق، بل إن معظمهم قد يكون خطراً على نفسه بسرحانه التام في كونه الخاص به فلا ينتبه لحركة مرور السيارات حين يقطع الشارع فيسبب لنفسه إما إصابة خفيفة أو مشكلة لغيره بسبب دهسه بواسطة قائد سيارة تفاجئ بقطعه الشارع فجأة فتحدث الكارثة على الطرفين.
معظمنا يظن أنهم غالباً لا يعون ما يقولون فلذا يتم تجنبهم تماماً خوفاً من تلفظه بقول سئ أو فعل أسوأ.
ولكن الحقيقة أن بعضهم رغم منظره الذي قد يكون غير مريح للبعض قد يكون لطيف المعشر وقد تفاجئ بتلفظه ببعض الحكم والأشعار وحفظه للقرأن وكثير من الأحاديث النبوية، وقد صادفت منذ بضع سنين رجلاً كهذا في منطقة البلد وكان أسمه ( عم حامد رحمه الله فقد توفي منذ سنتين تقريباً في مسجد العمودي بجوار مدرسة الفلاح ) وكان كريماً رغم أنه لا يملك من الدنيا شيئاً وعفيف النفس لا يقبل صدقة أو مساعدة من من لا يعرفه، ذو ذاكرة حديدية فلا تعطه جزء من أية أو طرفاً من حديث نبوي إلا ويكمله لك ويفاجئك بجلاء بصيرته وإيمانه العميق بالله ورحمته رغم ضيق حالته، لم أجده يوماً متبرماً من قضاء الله أو قدره بل دائماً ذاكراً الله وشاكراً وحامداً، ولا يحب أن يثقل على من يعرفه بطلب ما أو توصيله لمكان ما، كان رحمه الله يحب المأكولات الأندونيسية والسجائر الأندونيسية بنكهة القرنفل كذلك، ويحلو له إطعام القطط والحنو عليها وإماطة الأذى من الطرق والتجوال الدائم على قدميه بين البلد حتى شارع الإسكان ( جنوب جدة ) رغم عرضي عليه مراراً وتكراراً توصليه إلا أنه يرفض حتى لا يكلفني المشوار وكان رحمه الله عذب الحديث لا تمل منه حتى تكراره.
نعم قد كان يتخيل أشياء لا يراها غيره أو يهذي بكلام غير مترابط أحياناً ولكن عند صفو نفسه تجده كأفضل عاقل وقد لا يملك بعض العقلاء مثل بصيرته أو وسع مداركه أو على الأقل إيمانه بخالقه ورحمته، رحمه الله وجعل مثواه الجنة، قد لا يوجد في المستقبل حلاً لهؤلاء المساكين ولكن أقل المستطاع من لا يريد مساعدتهم او الرفق بهم ألا ينظر لهم كأفة أو مشروع جريمة، وعلى من يستفزهم أو يحتقرهم حرياً به أن لا يأمن صروف الزمن، فقد ينتهي مثلهم فمن يضمن بقاء وثبات عقله.!!

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *